Enjil Al Yawm-Tafsir- 29/12/13

أخوتي في هذا العيد المجيد، نحتفل معاً بعيد ملؤه الحب ، عيد الخلاص الذي حقّقه وتمّمه لنا الله الآب المحب. عيد ميلاد الربّ يسوع الذي يحمل بذاته وبقلبه سرّ براءة الازل ، سرّ حبّه المترجم ” ألله معنا
فالتجسد، هو وعد الله الامين ،الصادق، الثابت والمحبّ لنا والذي به أصبح بامكاننا أن نعيش بحياته المتجسّدة بأعماقنا 
التجسّد ينبع من ذات قلب ألله ويدفق في قلب كل واحد منّا الحامل فيه صورته ومثاله، صورة حبّه الّلامحدود الذي يدعونا دوماً الى الشركة الحقيقيّة في كمال حياته
التجسّد، هو فيض حبّ الله لانسان أمعن في رفضه لهذا الحبّ الجمّ على مرّ التاريخ. غير أنّ ألله، وهو الحب الّلامتناهي، أرسل الينا ابنه الوحيد ليدخلنا في عمق حياته الالهيّة
إنّ الرب يسوع في هذا العيد، ينادي كلّ واحد منّا فردًا فردًا أكثر من أيّ وقت مضى حتّى نرجع الى ذواتنا ونفحص ضميرنا بعمق. إنّه يدعونا حتى نرجع الى عمق حياته التي أصبحت بالتجسد في عمق حياتنا. يريد أن نحبّه ونثق به، وأن نسمح له أن يدخل الى أعماق قلوبنا ونتجاوب على دعوة حبّه لنا بحبّ متجسّد معاشّ. فما هو جوابنا إذًا عن الدعوة للحب؟ هل الرفض، الّلامبالاة أو البعد؟ أوالعيش بالخطيّة، والأنانيّة، والمخالفات، والشهوات، والحقد، والبغض والانقسامات، والتشرزم؟ كل هذه الأمور نتيجتها للدّمار والفراغ الداخلي وعدم السلام الحقيقي، فنصل أخيراً الى هلاك نفوسنا. يسوع يريد أن يقول لنا. إنّ عالمنا اليوم أصبح عالم المادة والضجيج وموت الضمير والقيم. عالم لا يعرف ما هو السلام الداخلي الحقيقي. يأتي الرّب ليقول لنا وحده القادر أن يزرع دروب حياتنا فرحًا وسلامًا، هذا بالرغم من الصعوبات والمعاكسات وخيبات الأمل قد يواجهها كلّ واحد منّا. فمن المهم جداً أن نتوصّل الى هذا الفرح الداخلي الحقيقي النابع من قلب الرب وهذا الفرح السماوي تحقق فينا بقوة تجسده فأصبحت السماء كلّها قريبة منّا جدًّا لا بل في أعماق قلوبنا؟ لذلك هل لحياتنا معنى بدون هذا الإله المتأنّس الذي أحبّنا كلّ الحب؟
فيا إخوتي، حبّذا لو استقبلنا عيد ميلاد الرب يسوع في هذه السنة بإيمان عميق ومحبّة صادقة، بخطوة إلى الداخل، صادرة من القلب. فيا ليتنا نتعمّق مسيحيًّا أكثر في هذا العيد العظيم، بغوصنا إلى عمق الحياة والقداسة ولا نتوقّّف فقط عند الزينة والزيارات والواجبات وبالأخص الانشغالات والانشغالات. في هذا الصدد يقول البابا….” إن البشرية مشغولة كثيراً بذاتها، وتحتاج لكل الوقت ولكل المكان بطريقة متطلّبة من اجل شؤونها ولذا لا يبقى أي شيء إلاّّ لذاتها، وليس لها المكان لإستقبال الله”. يتابع ويقول: ” هل لديّ الوقت أو المكان لله؟ هل يستطيع الدخول الى حياتنا، باعمالنا؟ هل لديّ الوقت للقريب الذي يحتاج الى كلمة حلوة، الى غفران، الى مساعدة، الى أن أزرع الفرح في قلبه بطريقة ما؟”. إنطلاقاً من كلمة البابا. نحن نحتفل بعيد الميلاد اليوم. فهل سيمرّ هذا العيد ويبقى على صعيد الذاكرة فقط، ولم نتغيّر من الداخل وإن بخطوة تعبّر عن محبّتنا للرب؟ وننسى نوعاً ما من هو صاحب العيد أي يسوع الرب؟ وليس فقط الهدايا…. فصاحب العيد هو يسوع الطفل النقي المحب. فمن المهمّ جدًّا نحن المسيحيون أن نسعى إلى البراءة والنقاوة وصفاء القلب مدى الحياة وأن نقترب من الرب الصالح الذي يشعّ من قلبه البراءة والطهر والوداعة والمحبّة العميقة والسلام. إنه “أصفى من قلب الأطفال”. هذا القلب الذي يدفق الحياة، يريد أن يملأ قلوبنا من ذاته ويضمّنا إليه بحبّ كبير. فلنقترب منه، ولنسرع إليه
ألمطلوب منّا أيضًا أن ننحني على مثال العذراء مريم ومار يوسف ومار شربل أمام عظمة حبّ الله المتجسّدة، ننحني أمام عظمته الذي يحوي كل القداسة. وأيضًا. مثل ما انحنى علينا بفعل تواضع عجيب وقبلنا كما نحن ولا يرى فينا إلاّ حبّه وغفرانه، كذلك الأمر يجب علينا أن ننحني إلى بعضنا ونقبل ضعف بعضنا ونسامح هفوات بعضنا البعض
وأخيرًا، إنّه الحب الساكن بأعماق قلوبنا بحبٍّ عجيب، ومن داخلنا يفيض بالحياة الأبدية. إنه سلامنا وفرحنا وغايتنا وخلاصنا، إنّه ميلاد الربّ يسوع على أرضنا، وبعمق ذواتنا، آمين

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.