Enjil Al Yawm-Tafsir- 22/02/09

في بداية زمن الصوم الكبير، تقدّم لنا الليتورجيا رواية عرس قانا الجليل، فنتبيّن من خلالها الزمن المسيحاني، أي الزمن الممهور بحضور يسوع المخلّص، ونعلم كم هو مع الإنسان، وكم هو مع العائلة، وما معنى الصوم بالنسبة إلينا، وكم عظيمة وجديرة بالإكرام أمّ يسوع. إنجيل بداية زمن الصوم يتكلّم عن عرس، وعن خمر فائق الجودة، بوفرة غير عاديّة. قد يثير ذلك استغراب البعض: لماذا انتقت الليتورجيا رواية عرس لتبدأ به الصوم؟ أليس في ذلك تناقض؟

والحال أنّ هذه الرواية تفهمنا المعنى الصحيح للصوم: فالهدف الأساسي من هذه القصّة، هو تبيان حلول أزمنة الخلاص، وتبيان حضور يسوع مع الإنسان لكي يهبه هذا الخلاص. هو يبارك حياة الإنسان بحضوره ويعلّمه أنّه معه، وانّه مع الفرح في الحياة

عرس قانا الجليل في بداية الصوم، يدعونا إلى رؤية ذلك الّذي أحبّنا حتى الموت والقيامة، ويحبّنا على الدوام، يرافقنا في مرافق حياتنا اليوميّة. يريدنا أن نفرح، ضمن تعاليمه، لأنّ في تعاليمه الفرح الحقيقي. يريدنا أن نمارس الصوم وكلّ عمل تِقَويّ تعلّمنا إيّاه الكنيسة، لكي نستطيع ان نكتشف فعلاً حضوره في حياتنا ولكي نقيّم الأمور وفق قصد الله فيها، وليس كما نرغب أن تكون بالنسبة إلينا. فلنثق بالله وبكلمته التي نعرفها من الكتاب المقدّس والكنيسة. إنّ الله محبّة لنا

إنّ تأمّلنا في حضور يسوع مع كلّ إنسان، يأخذ منحى خاصًّا، إذ نراه حاضرًا في عرس في قانا الجليل. إنّه يبارك كلّ إنسان، ولكنّه هنا يبارك عائلة جديدة. فسرّ الزواج مبارك عنده ويريد أن يبقى الفرح في كلّ عائلة. من خلال عرس قانا الجليل، تعلم كلّ عائلة أنّ ضمانة بقاء الفرح فيها، هو حضور المسيح. قد ينقص الخمر، أو يجفّ، أي عنصر الفرح في العائلة، لسبب من الأسباب. لكنّ حضور المسيح يضمن عودة الفرح إلى العائلة. فالإنجيل الذي تأمّلنا فيه اليوم، دعوة إلى كلّ عائلة لكي تُبقي حضور المسيح فيها فعّالاً، فيبقى الفرح فيها دائمًا، مهما يكن من أمر

تظهر مريم العذراء لنا شفيعة قديرة عند يسوع. تكرّمها صلواتنا وتصفها بالحنونة. فنهرع إليها ونلتجئ إلى حمايتها عندما نجابه مصاعب الحياة. كلامها إلى يسوع، وكلام يسوع إليها عند أقدام الصليب، تأكيد لنا بمنزلتها المميّزة عند ابنها، ابن الله

تعلّمنا آية قانا الجليل أنّ الربّ يرافقنا دائمًا في حياتنا، وأنّ أزمنة الخلاص تتحقّق بحضوره. فلنفعل ما يقوله لنا، فنتيقّن أنّ فيض الخيرات في حياتنا أمر أكيد

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.