Enjil Al Yawm-Tafsir- 14/06/09

الروح القدس يأتي ويرشدنا الى الحق. والحق هو أن نحب الرب ونحفظ وصاياه فنضحي هيكل الله حيث سكناه. هذه امثولة إنجيل الأحد الثالث بعد العنصرة

أولاً – الروح عطيّة الله لنا وهو يعمل فينا

قد نرسم إشارة الصليب مرّات عديدة في يومنا ونقول باسم الآب والابن والروح القدس، ولكن قد نفكّر مرّات قليلة بماهيّة إيماننا بالثالوث المحبة وبأن الربّ يعطي روحه للإنسان فيعمل فيه ما يؤدي الى الخلاص. الله محبّة وهو يدفق محبّة علينا ودفق المحبة يتجلى بإعطائنا الروح القدس. يقول لنا يسوع في إنجيل اليوم أنّ الآب سوف يرسل الروح القدس باسمه، أي باسم يسوع، وإنّ الروح هو البارقليط اي الذي يعضد، يساعد، يعزي، يتشفع. ويبيّن يسوع لنا عمل الروح القدس فينا. سوف يعلّمنا كلّ شيء ويذكّرنا بكلّ ما قاله يسوع لنا. لا شكّ في أن الروح يعمل دوما فينا ولا شكّ في أنه يتوجب علينا الشعور بعمله فينا، اي اننا بحاجة الى ان نتذكّر دوما حضوره فينا، فنسمح له أن يلفحنا بحضوره فلا نكوّن حاجزا يمنعه التأثير فينا. هي كلمات تحاول أن تشرح حالة يصعب شرحها إن لم نقل يستحيل التكلم عليها. فاختبار حضور الروح القدس في الانسان اختبار فريد بكلّ مؤمن وهو بالتالي الاكثر جدارة بالتكلم على هذا الاختبار. ولكن إن تكلمت على هذه الحقيقة، فلكي أذكّر بأمر كثير الاهمية، الا وهو وعي حضور الروح القدس فينا وعمله من أجل خلاصنا. المهم أن نجعل من حياتنا حياة روحيّة اي سائرة وفق مبدأ الروح، روح الله. بعد ذلك، فليخطّ كلّ واحد منّا حكايته مع الروح القدس. ويقول لنا يسوع كيف يعمل الروح فينا. إنّه يذكّرنا بكلّ ما قاله يسوع لنا. فماذا قال يسوع مباشرة قبل التكلم على الروح القدس؟ لقد قال: أحبوا واحفظوا الكلمة

ثانيًا – المحبة وحفظ الوصايا

الروح القدس سوف يذكّرنا إذن بكلام يسوع على المحبة وحفظ الوصايا. ففي انجيل اليوم، يردّد يسوع ثلاث مرّات: أحبوا واحفظوا كلمتي او احفظوا الوصايا. يقول الربّ: “من كانت له وصاياي ويحفظها، هو الذي يحبّني” (الآية 21)؛ “من يحبّني يحفظ كلمتي” (الآية 23)؛ “من لا يحبّني لا يحفظ كلمتي (الآية 24). وكلّ ذلك صدى للآية 15: “إن تحبّوني تحفظوا وصاياي”. فوصيّة الربّ هي كلمته؛ إنها الدعوة الى الايمان بكلّ عمل الله. ووصية الربّ هي محبة الانسان لأخيه الإنسان وترجمة هذه المحبة باعمال تليق بها. فلاحقا يقول يسوع الكلام ذاته: “إن تحفظوا وصاياي تثبتوا في محبّتي” (15/10) ويُتابع قائلا: “هذه هي وصيّتي أن تحبّوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم” و”بهذا أوصيكم، أن تحبّوا بعضكم بعضًا” (15/12. 17). وإن هذه المحبة للآخرين تعني حمل الثمار اللازمة، فيقول يسوع: “لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم، وأقمتكم لتذهبوا وتحملوا ثمرا، ويدوم ثمركم” 15/16
هذه العلاقة الوثيقة بين محبة الربّ ومحبة الآخر وحفظ الوصايا وحمل الثمار تسمح من جهة للمحبة بأن تتجسّد باعمال حسيّة وتنجّي من جهة اخرى من حفظ للوصايا يخلو من المحبة. هذه هي ديناميّة الحياة المسيحية الحقيقية: جواب للّه على محبّته بالمحبّة وترجمة هذه المحبّة بأعمال حسيّة تجاه الإنسان والخليقة وتجاه الله. فالعيش المسيحي يعجّ بالحياة لأن فيه محبة. ويسوع قال: “إن حفظ أحد كلمتي فلن يشاهد الموت الى الأبد” (يو 8/51). وهو ليس عيشا يرعب المؤمن بل عيش في دينامية العلاقة مع الله المحبة. وهذه الدينامية مع طبيعة الله المحبة تجعل الإنسان يعي محدوديته ومخالفته في بعض الأحيان لكلام الله ووصاياه فيخطأ وتجرح الخطيئة علاقته بالله، لكنّه اذا لم يترك محبة الله جانبًا بل تسلّح بها فإنّه يجد في التوبة غفرانا للخطايا وعودة الى ملء محبة ذلك الذي يحب بلا حدود، الله الذي يغفر لنا لانه يحبّنا. إنّه الروح القدس يعلّمنا كلّ هذه الامور ويذكّرنا بما قاله يسوع. إن طلب منا يسوع المحبة وحفظ الوصية، فلأن في كل هذا حياة: “وانا اعلم ان وصيته حياة ابدية. وما اتكلم به، فكما قال لي الآب، هكذا انا اتكلم” (12/50). وإن أحببنا الرب وأحببنا أخانا الإنسان وحملنا ثمرا، يسكن فينا الله

خاتـمة

هو الروح القدس يعلّمنا ويذكّرنا بما قاله يسوع. يعمل فينا فيذكّرنا بمبدأ الحياة. محبة الله ومحبة الآخر وحفظ الوصايا أمور تقربنا من الربّ فيأتي، هو الجبار، ويسكن فينا، فنطمئنّ. ما قد يبدو غير ممكن يصير ممكنا بقدرة الله. هي الحياة التي في الربّ التي نستطيع الحصول عليها. ما أجملها! فلننعم بها! وإذا ما ساورتنا شكوك فلنتطلع الى كلّ ما أعطاناه الرب لكي نتثبت في الايمان ونعلم أنّه أمر معقول.
بين هبات الربّ الكبيرة، عطية دلالتها الحسية راقدة على تلة عنايا، تذكّرنا أن الحياة بالروح جميلة وممكنة وأنّ محبة الرب تعلو كل أمر. عنيت بهذه العطية القديس الذي تهز ذكراه المشاعر، مار شربل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.