Saint Mary-The Great Events

عاشت السيدة العذراء حوالي خمسة وستين سنة بين المسيحيين والرسل تفيض عليهم القوة والتعزية وهم يقدمون لها بدورهم كل تمجيد وإكرام. كانت لها رغبة مستمرة لترك الجسد والالتحاق بابنها وإلهها ومشاهدة وجهه المحبوب. لم تخش الموت ولم تفتش عن الهروب منه، لأنها عرفت أن ابنها وإلهها قد غلبه


بشارة الملاك جبرائيل للعذراء

بينما كانت والدة الإله تصّلي بحرارة على جبل الزيتون ظهر لها رئيس الملائكة جبرائيل وبشرها قائلاً: “هذا ما يقوله ابنك إن الأيام التي سأحضرك بها إليَّ قد قربت. وقد أرسلني الّله لأخبرك بأنه يناديك إليه، إلى مملكته، إلى مجده الأبدي، حتى تجلسي عن يمينه في عرشه، إنه ينتظرك، اقبلي هذه الكلمات بسرور لأنك ستنتقلين بعد ثلاثة أيام إلى الحياة الخالدة”. وأخبرها أيضاً بساعة موتها وكعلامة لكل هذا أعطاها غصن نخلة بلح من الجنة كانت تشعّ بنور سماوي وهو يدل على أن الموت الجسدي لن يقوى عليها كما أن الموت الروحي لم يكن له سلطان عليها كما أخبرها بأن هذا الغصن يجب أن يُحمل أمام نعشها. [يقول التقليد بأن هذا حدث يوم جمعة وفي اليوم الثالث الأحد ستغادر وتكون مع ابنها

قبلت العذراء ذلك النبأ بسرور لا يوصف ثم جثت على ركبتيها وشكرت خالقها بكل حرارة وطلبت منه أن تشاهد التلاميذ الذين كانوا منتشرين في العالم يبشرون بالإنجيل قبل رحيلها عن هذا العالم لتودعهم

وبعد انتهاء صلاتها عادت إلى البيت واخبرت بذلك التلميذ يوحنا وأرته الغصن المزهر من الجنة وطلبت منه حمله أمام نعشها وأمرت بتهيئة كل ما هو ضروري للدفن

وفي الحال أخبر يوحنا يعقوب أخو الرب وهو أخبر بدوره المؤمنين الذين تجمعوا كلهم حول والدة الإله، التي وعدتهم أنها سوف تزور العالم وتساعد المحتاجين وتحامي الملتجئين إليها في النكبات والأحزان. وأوصت بأن يدفن جسدها الطاهر عند جبل الزيتون في بستان الجثسمانية

مجيء الرسل ما عدا الرسول توما

بينما كانت والدة الإله تعمل هذه الترتيبات سُمع فجأة ضجيج كالرعد وسحابة منيرة أحاطت في البيت فبأمر الّله  خطف الرسل المنتشرون في أنحاء العالم وأُحضروا جميعهم إلى أورشليم عدا الرسول توما وذلك بتدبير إلهي حتى يتأكدون المؤمنون بأن والدة الإله قد انتقلت بالجسد إلى السماء. وأُوقفوا أمام باب البيت ثم دخلوا جميعهم

لمشاهدة العذراء جالسة على فراشها فحيّوا أُم الحياة وفي خلال ذلك حضر الاناء المختار القديس بولس الرسول مع تلاميذه المقرّبين منه. لقد جمعهم كلهم الروح القدس حتى يروا والدة الإله ويأخذوا بَرَكتها. وظّلوا طوال الليل يصّلوا بتسابيح ومزامير

حضور المسيح

سُمع صوت كأنه رعد من السماء انفتح سقف البيت وأضاء الغرفة نور سماوي وظهر المسيح تحيط به الملائكة والقديسون والأنبياء وعند مشاهدتها ابنها صرخت بفرح عظيم [تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخّلصي] لوقا ( ١:٤٦-٤٧ ). ثم سّلمت روحها الطاهرة إلى يدي ابنها ودوي نشيد الملائكة يرتلون كلمات جبرائيل

[افرحي يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء] ( لوقا1 : ٢٨)

مراسم الدفن

ثم بدأت مراسيم الدفن ورافقت الموكب سحابة مستديرة كانت تشعّ نوراً وعندما سمع رؤساء الكهنة والكتبة عن هذا التهبوا حقداً وحرّضوا بعض الناس على قتل التلاميذ وحرق جسد العذراء فأسرعوا لإيقاف سير الموكب وإذ بالسحابة هبطت مشكِّلة سداً لحمايتهم وأصيب المطاردون بالعمى

أعجوبة

وفي ذلك الوقت كان كاهن يهودي اسمه أثونيوس ماراً في الطريق فعندما شاهد الموكب امتلأ حقداً واندفع نحو النعش محاولاً رمي جثمان العذراء وما أن لمست يداه النعش حتى بُترت يداه من ملاك سيف الغضب الإلهي وعندها أوقف بطرس الموكب وقال له نحن لانستطيع شفاءك فقط الرب وحده هو القادر على ذلك ولا يمنحك الشفاء حتى تؤمن به وتعترف بفمك أن يسوع هو ابن الله

وعندما اعترف أمره بطرس بأن يضع ذراعيه المقطوعتين على أطراف يديه وأن يدعو والدة الإله بإيمان وعندها التحمت يداه ولم يبق من أثر للقطع سوى خط أحمر حول المرفقين للدلالة على القطع. والذين أصيبوا بالعمى اعترفوا بخطيئتهم فشفوا


وصول الرسول توما

وبعد ثلاثة أيام من دفنها خطفت سحابة القديس توما وأحضرته إلى مكان فوق قبر العذراء حيث شاهد جسدها يرتفع نحو السماء فناداها إلى أين ذاهبة فحّلت زنارها وأعطته إياه ثم اختفت وبعدها نزل إلى التلاميذ وأخبرهم بالرؤية وأراهم الزنار الشريف التي أعطته إياه ففرحوا

إن الكنيسة المقدسة تسمّي نهاية حياة العذراء مريم رقاداً: “لأنها ماتت وقتاً قصيراً كما في حلم وأفاقت كما من حلم”. إن نواميس الطبيعة ُ غلبت في العذراء الفائقة القداسة. لأن الموت الذي يعيد الجثمان إلى الأرض (لأنه من الأرض) لم يمسّ جسدها، وبعد الموت استمرت حية.

كما أنها في الولادة حفظت بكاريتها وفي رقادها وبعد الولادة استدامت عذراء. وقد عيّنت الكنيسة المقدسة لشرف رقاد الأم العذراء مريم وذكراه عيداً في اليوم الخامس عشر من شهر آب لأن مخّلص الجميع في هذا اليوم (لاقى أمّه في كل مجده وأسكنها معه).

إن والدة الإله الفائقة القداسة لم تهمل العالم برقادها فهي بحسب وعدها تتوسل لأجل الملتجئين إلى معونتها عن إيمان.

إن رحمتها فعلت معجزات عظيمة بجميع المعّذبين والحزانى، ومَنْ مّنا نحن البائسين لا يشعر في بحر الحياة بأن والدة الإله قريبة من تنهداتنا وسامعة سريعة في منحِها لنا المعونة والعزاء؟ لذلك فالكنيسة تستدعي (منذ القرن الأول) أم ربنا وإلهنا الفائقة القداسة للمعونة وتمجّدها. إن والدة الإله التي لا تنام في الصلوات تتشّفع دائماً من أجل اللاجئين غليها وتمنحهم الإيمان والعزاء. فآه! يا والدة الإله الفائقة القداسة خّلصي ميراثك دائماً ويا سيّدة أعينينا.!

تحتفل كنيستنا بتذكارها في اليوم الخامس عشر من شهر آب من كل عام

بشفاعة والدتك الكلّية الطهارة الفائقة القداسة العذراء مريم أيها الرب يسوع المسيح ارحمنا. آمين

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.