Enjil Al Yawm-Tafsir- 21/09/14

بعد إنباءِ يسوع تلاميذه للمرّة الثالثة بموته وقيامته وبأنّه “سيُسلَم إبن الإنسان إلى رؤساءِ الكهنة ومُعلّمي الشريعة، فيحكمون عليه بالموت ويُسلِّمونَه إلى حُكّام غرباء، فيستهزئون به ويبصقون عليه ويجلدونه ويقتلونه، وبعد ثلاثة أيّام يقوم” (مر 10/34)، يأتي طلب ابني زبدى للجلوس عن يمين وشمال يسوع في المجد

لا مجد من دون صليب
لم ير يعقوب ويوحنّا في كل ما قاله يسوع إلاّ مجد القيامة. فأرادوا المجد دون الصليب. وعندما ذكَّرَهُم يسوع ودعاهم لمشاركته بكأس ومعموديّة الألم (مر10/38) جوابهم كان مقتضبًا: “نقدر” (مر10/39) وكأنّهم يُقولونَهُ على مضد ودون معرفة. اليوم، نحن أيضًا نبحث عن المجد دون الصليب. نبحث كابني زبدى أحيانًا عن الربح السريع دون عناء وتعب. عن عمل سهل بمردود كبير. فيا أخي القارئ: لا مجد ولا ملكوت دون عناءٍ وكدّ. وصدق القول المأثور:من جدَّ وجدَ

 من هو يسوع بالنسبة لي؟
ابنا زبدى لم يسمعوا جيّدًا إلا ما حَلا لهم من كلام يسوع وما يُناسب رغباتهم ويتوافق مع أمياله فطلبوه. أرادوا أن يروا يسوع المُمَجَّد دون يَسوعَ المصلوب. واليوم، نحن أيضًا كم من المرّات نريد أن نجعل من يسوع ما نحن نريده أن يكون لنا، ونرفض ما يريده هو أن يكون. فالبعض منّا يريده “يسوع السّاحر”، يطلب منه فيُلبّي ما يُريد، ولو كان مستحيلاً. نطلب منه مثلاً شفاء وإن لم يلبِّ طلبنا نتركه ونبحث عن غيره. أو لا نعود نؤمن به. كلّنا يبحث عن المجد دون الصليب، نتناسى أن نقول: “مع آلامك يا يسوع”. وننسى ما قاله الله في سفر آشعيا: “كما تعلو السماوات عن الأرض كذلك طرقي تعلو عن طُرقكم وأفكاري عن أفكارِكُم” (أشعيا 55/9). فهو أدرى منّا بما يناسب خلاصنا. والله هو الذي “يُهَيِّءُ” المجد المعدّ لنا (مر 10/40). مجدٌ بحسب قبولنا وحملنا الصليب كرفقا

ثورة قيم الإنجيل: الخدمة المحبّة المتواضعة
لم يكن يسوع إلاّ ثائِرًا بشهادة حياته على قيم ومفاهيم هذا العالم. وإذا كانت السلطة اليوم في العالم هي تسلُّط وتَمْييز بني البشر، واعتلاء للإنسان على أخيه الإنسان، وعجرفة وكبرياء, فيسوع بشهادة حياته الثائرة يُصحِّح مفهوم السلطة: فهو عندما كان في عليائه نزل ليصبح منّا وفينا، “ابن الإنسان” (مر 10/45) هو من “لم يعتبر مساواته لله غنيمة له، بل أخلى ذاته واتّخذ صورة العبد، صار شبيهًا بالبشر وظهر في صورة الإنسان. تواضع، أطاع حتّى الموت، الموت على الصليب فرفعه الله وأعطاه اسمًا يفوق كلّ اسم” (فيليبـي 2/6-9) فالمجد الحقيقي الذي ناله يسوع هو مجد في السماء وليس على الأرض. على الأرض كان الصليب، أمّا في السماء فمجده باقٍ أبدًا. وما كان عمله على الأرض إلاّ عمل ابن الإنسان الذي: “جاء لا ليخدمه الناس، بل ليخدمهم ويفدي بحياته كثيرًا منهم” مر10/45
فلنجعل من حياتنا، شهادة خدمة مُحِبَّة ومتواضعة فننال لا مجد الأرض بل مجد السماء

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.