Enjil Al Yawm-Tafsir- 15/06/14

ها ان الكنيسة تمنح لنا اليوم فرصة التأمل بنهاية إنجيل متَّى، ونحن نعيّد أحد الثالوث الأقدس. لا زلنا نقرأ أناجيل ما بعد القيامة وتعود بنا الافكار الى ما تأملنا به سابقًا، لكننا نتوقف اليوم مجددًا عند فكرة واقع المعطيات الايمانية في علاقة الربّ المخلّص والقوي والجبّار مع الانسان

سرّ الرّب والانسان

تأملنا في سرّ الثالوث الأقدس، ونحن نعيّده اليوم، يقتصر على فكرة المحبّة التي تشكّل جوهره والتي تفيض على البشر وعلى كلّ الخليقة. فلسنا بصدد أطروحة لاهوتية تحدّد ماهية العلاقة بين الأقانيم الثلاثة، ولا نحن نودّ أن نفهم هذا السرّ بكلّ مكوّناته، علمًا بأن الإنسان يستطيع ذلك مهما ادّعى علمًا وفهمًا، بل مراضًا أن نتذكّر أن الثالوث الأقدس محبّة في ذاته، ومحبّة تغدق علينا. وإنّها محبّة تحمّل الإنسان مسؤولية تلقيها، فتلزمه عيشها وإحلال العدل والسّلام والفرح وكلّ ما يمت إليها بصلة حيثما حلّ. أمور تجعلنا نفكّر أكثر في ماهية حياتنا المسيحية، تجعلنا نستطيب أن نفتش عن الحقّ ونبتعد عن الظلم فنخاف من إله المحبّة الذي لا يطيق أن يظلم الإنسان، بل يريد أن يتمتّع هذا الأخير بكامل حقوقه. نعم، نخاف من إله المحبّة الذي يعاقب كلّ من يقف في وجه المحبّة. نخاف من الإله الجارفة محبّته كلّ من يتصدّى لها

وإنجيل اليوم يخبرنا أن يسوع أعطي كل سلطان في السماء وعلى الارض. فهو الربّ القدير، هو السيّد الذي يسود على الخليقة والبشرية بكاملها. لذا يدعو التلاميذ، ونحن منهم، أن يتلمذوا كلّ الامم، وينشروا عبادة الله الثالوث، الله المحبة

فكرة يسوع السيّد المطلق تتعزّز في قلوبنا نحن كمؤمنين، ويؤكّد هو لنا أنه معنا كلّ الايام الى نهاية العالم. إنها كلمات تحثّنا على جعل حياتنا كلّها في رحاب العلاقة مع الربّ يسوع. نقرّ انّه السيّد المطلق ونقرّ أنه سيّد قدير جبار. فلا نخاف من شيء في هذه الدنيا، لأن الربّ هو المنتصر على الموت وعلى كلّ أشكاله. يكفي فقط أن نسيّر حياتنا كلّها معه، وأن نرضى أن يكون هو سيّد حياتنا. يكفي أن ندخل مغامرة العيش معه ونقبل أن يكون هو معنا. اللامبالاة أو التمرّد على محبته وسيادته، يوقعاننا في البؤس الحقيقي. أمَّا العيش معه والاعتراف به سيدًا، مهما قست الايام علينا ومهما دق البؤس أبوابنا، هما الكفيلان بإعطائنا الفرح الحقيقي. إن الربّ معنا حتى نهاية العالم

في خضمّ كل ذلك، قد نحبّ الربّ حبًا حقيقيًا ونعترف به سيّد حياتنا، ولكن قد نشعر أننا غير مستحقين أن نكون له تلاميذ بسبب مشاكلنا وضعفنا وبعدنا الوجودي عنه. فتلمع أمامنا صورة التلاميذ الذين لما رأوه سجدوا له، والذين في الوقت عينه ساد الشكّ عليهم أو على بعض منهم. لكن يسوع أقامهم من ضعفهم على الفور وجدّد العهد معهم وأرسلهم يتكلّمون باسمه

فلنعلم اذن أن الربّ يفهم جيدًا من نحن، وما قد نرتكبه من شكّ وهفوات ومعاصي. لكنّه لا ييأس أبدًا، لا يملّ من ان يجدّد العهد معنا، ويعطينا، نحن من نحن، أن ننطق باسمه. يقبلنا كما نحن ويرفعنا من حيث نحن. المهم ان نكون معه ونبقى معه، الا نعيش اللامبالاة أو التمرّد

خاتمة

إنّه سرّ علاقة الله بالانسان منذ خلق هذا الاخير. محبة ثالوثية دفاقة وإنسان موضوع محبة الله متقبل لها بعض الاحيان، خائنًا أحيانًا أخرى، ولكن باقيًا أبدًا موضوع محبة الله

لا نضيّعنّ فرصة هذه المحبة رغم أننا قد نعتقد ان العيش دونها اوفق لنا. فالانسان العاقل والذكي هو الذي يتيقّن انها موجودة وانها قوية جارفة وبالتالي لا نفع للامبالاة او لمجابهتها. فلننسق إليها ولنقبل ان تجرفنا بمحبتها. حينها تحدث المعجزات. أليس مار شربل، في حياته على الارض وفي حياته في السماء، معجزة صارت معجزة لانه امضى حياته يدخل في سرّ الثالوث، سرّ إله المحبة؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.